بعض التحديات الاقتصادية التي تواجه المنطقة العربية ( 1 / 2 + 2/2) ـــ المقال رقم /27/

صحيفة الثورة ــــــ دمشق ــــــ سورية      

العدد : 9597 و 9598 –  تاريخ: 24 و 25/12/1994

نشر في صحيفة الثورة على مدار حلقتين متتاليتين في التواريخ المبينة آنفاً .  

 

إن عالم اليوم وربما عالم المستقبل – المنظور على الأقل – هو عالم أحادي الهوية مركزي النزعة تنفرد على القمة فيه قوة عظمى وحيدة هي الولايات المتحدة الأمريكية. وهي هناك تحاول كما قال الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في الخطاب الذي وجهه بتاريخ 6/3/1991 مباشرة بعد انتهاء حرب الخليج الأولى  أن تبني نظاماً عالمياً جديداً أساسه حقائق القوة الجديدة السائدة في هذا العالم.

وكما هو واضح من مختلف الآراء السابقة فإن قاسماً مشتركاً يقرب بينها وهو أن جديداً ما قد ولد في العلاقات الولية وعلى الجميع تهيئة أنفسهم للتعامل معه . في هذا السياق تطرح الضرورة علينا كعرب وبإلحاح سؤالين اثنين:

  • ماهي التحديات ؟
  • كيف نتعامل معها ؟

لابد من الإقرار بأن الإجابة على كلا السؤالين ليست بالأمر اليسير ، فالاجتهاد في قضايا كهذه محكوم بعوامل وظروف متعددة ومتغيرات يصعب تحديد اتجاهات تغيرها وسرعة انعطافها وتقلبها فلتكن إذا محاولة لتسليط الضوء على ما هو قائم ومحاولة لاستشفاف ما هو قادم، فأهمية القضية تبرر محاولة كهذه. بالنسبة للإجابة على السؤال الأول يمكننا تصنيف أهم التحديات التي تواجهنا تحت ثلاثة  عناوين ، دولية – إقليمية – داخلية  :

التحديات الدولية

  • تحرير التجارة العالمية شكل نجاح جولة الأوروغواي التي جرت في إطار الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة (الغات ) نوعية في تنظيم التجارة الدولية السلعية والخدمية حيث فتح ذلك المجال أمام توسيع التجارة العالمية وتحريرها من الكثير من القيود الكابحة والحواجز المعيقة لحركتها على المستوى الدولي. ومع نجاح جولة الأوروغواي أدخلت الغات قطاعات اقتصادية جديدة تحت ولايتها مثل الزراعة،الخدمات ،الملكية الفكرية وغيرها . كما قامت بمراجعة موسعة للعديد من سياسات وآليات العمل الاقتصادي المطبقة حتى الآن ( الحماية – الدعم- الحواجز غير الجمركية – التعرفة الجمركية .. وغير ذلك ) بحيث ألغي بعضها كالحواجز غير الجمركية وتم تخفيض مستوى البعض كتخفيض التعرفة الجمركية على السلع الزراعية وتخفيض مستوى الدعم على الصادرات . ومن النتائج الهامة لهذا الوضع الجديد الناشئ في التجارة العالمية خلق نظام تجارة دولي وفق قواعد نمطية ذات طابع عالمي مما يضعف من قدرة الدول المحلية ( الصغيرة منها على وجه الخصوص ) على صياغة سياساتها المتعلقة بالتجارة الخارجية بشكل مستقل وبما ينسجم ومصالحها القطرية فقط، فالسلطة في هذا الشأن أصبحت في جوهرها من اختصاص القوى الكبرى في العالم من خلال منظمة التجارة العالمية والتي من المقرر أن تباشر مهامها مطلع عام 1995 يبلغ عدد الدول الموقعة على اتفاق مراكش حوالي 120 دولة أي ما يزيد على 70% من الدول الأعضاء في الأمم وتساهم هذه الدول بأكثر من 90% من التجارة العالمية.
  • التطور الهائل في قوى الإنتاج : أدى التطور التكنولوجي الهائل في قوى الإنتاج تكنولوجيا الإنتاج السلعي الكبير والكثافة الرأسمالية العالية إلى جعل الاقتصاديات ذات الأحجام الصغيرة بما فيها اقتصاديات الدول القطرية غير قادرة على الاستخدام الواسع للتكنولوجيا الحديثة أو الراقية ولا على تطويرها وقد انعكس هذا الوضع الجديد في الاقتصاد العالمي باتجاهين:
  • نشوء التكتلات الإقليمية الكبرى : المنطقة التجارية الحرة لأمريكا الشمالية : 3 دول 360 مليون نسمة مع ناتج محلي إجمالي عام 1991 يقدر بحوالي 6400 بليون دولار أمريكي – والاتحاد الأوروبي : 12 دولة ،340 مليون نسمة مع ناتج محلي إجمالي عام 1991 يقدر بحوالي 5975 بليون دولار أمريكي – كذلك رابطة دول جنوب شرق آسيا:  6دول 322 مليون نسمة مع ناتج محلي إجمالي عام 1991 يقدر بحوالي 335 بليون دولار أمريكي وغيرها من التكتلات الأصغر حجما مثل التجمعات الإقليمية العربية، المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا،رابطة دول الكاريبي.
  • نشاط الشركات المتعددة الجنسية : حيث تشير بعض التقديرات إلى أنه مطلع التسعينات كان هناك حوالي 1000 شركة متعددة الجنسية تتحكم بحوالي 52% من الإنتاج العالمي . فعلى سبيل المثال كانت مبيعات الخمس الشركات الصناعية الأولى في العالم عام 1992 على النحو التالي مقدرة ببلايين الدولارات الأمريكية:

جنرال موتورز 133 – إكسون 104- فورد 101- شل 99- تويوتا 79،أي ما مجموعه 516 بليون دولار أمريكي بينما قدر حجم الناتج المحلي الإجمالي للوطن العربي في عام 1991 بما في ذلك النفط بحوالي 420 بليون دولار أمريكي.

وفي المحصلة أدى نشوء التكتلات الاقتصادية مع توسع نشاط الشركات المتعددة الجنسية إلى تدويل الجزء الأهم من عمليات الإنتاج ” تراجع دور الدولة القطرية مع تنامي دور الدولة الإقليمية أو السلطة العالمية فيما يتعلق بعمليات والإنتاج” علما بأن اتجاه التدويل هذا مرشح للنمو والتطور مع تطور تكنولوجيا الإنتاج مستقبلا.

  • تدويل السياسات المالية والاستثمارية: من المعروف بأن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ( أنشئ كليهما عام 1994 ) واللذان يعتبران من الهيئات التي تتمتع باستقلال ذاتي في إطار الأمم المتحدة يقومان بدور فاعل ومؤثر في كل ما يتعلق بالسياسات النقدية والاستثمارية على المستوى الدولي وخاصة في العالم النامي ( أسعار الصرف – الدعم الحكومي للسلع والمواد الغذائية – المديونية الخارجية – تمويل المشروعات ـ) وتجربة مصر والجزائر شواهد حية في هذا السياق.

فكلا المؤسستين تقومان حالياً بمراقبة ومتابعة تنفيذ ما اصطلح على تسميته في الأدبيات الاقتصادية ببرامج الإصلاح الاقتصادي وإعادة الهيكلة والتي لا تعني في جوهرها أكثر من انسحاب الدولة من الحياة الاقتصادية مع تشجيع القطاع الخاص على النشاط الاقتصادي عامة والاستثماري على وجه الخصوص بالإضافة إلى إطلاق قوى السوق وتحريرها من رقابة الدول وتوجيهها . والحديث الجاري منذ فترة وجيزة وحتى الآن في المحافل الدولية عن ربط مساعدة الدول النامية اقتصادياً بتحويل المساعدات من القنوات الحكومية إلى قنوات القطاع الخاص مباشرة مع اشتراط التقدم الحثيث في مجال إعادة الهيكلة و الإصلاح الاقتصادي ما هي إلا دلائل حية وشواهد واضحة على الدور الفاعل والحاكم لكلا المؤسستين الاقتصاديتين ( صندوق النقد الدولي و البنك الدولي) في الحياة الاقتصادية الدولية.

بالإضافة إلى ذلك هنالك اتجاه عالمي لتدويل عدد من القضايا الاقتصادية الهامة الأخرى كالبيئة وظروف العمل .. وغيرها.

التحديات الإقليمية

  • المياه : تعتبر المنطقة العربية من المناطق الفقيرة بالمياه نسبياً حيث تقدر الدراسات كمية المياه المستغلة فعلياً بحوالي 170.0 بليون م3 سنوياً أي ما نسبته 48,5 % من مجموع الموارد المتاحة نظرياً وحوالي 7,6% من وسطي الكميات السنوية للهطولات المطرية في المنطقة العربية ، وإذا كان عدد سكان الوطن العربي حالياً مقدر بــ 239 مليون نسمة فإن نصيب الفرد في الوطن العربي هو بحدود 724 م3 سنوياً أي دون ما يسمى بخط العوز المائي المتعارف عليه عالمياً وهو 1000 م3 للفرد سنوياً . كما أن التقديرات تشير إلى أنه بحلول عام 2000 يبلغ عدد سكان الوطن العربي حوالي 295 مليون نسمة   وعلى أساس معدل الحاجات وفق مستوى خط العوز المائي فإن الحاجة المائية للوطن العربي ستبلغ مع نهاية القرن الحالي حوالي 295 بليون م3 ، أي عجز مائي إجمالي مقداره  حوالي 120 بليون م3 سنوياً.

هذه الوقائع وغيرها جعلت بعض الدول المجاورة للوطن العربي ( تركيا – اسرائيل – إثيوبيا ) تحاول استغلال حاجة الوطن العربي للمياه لممارسة أشكال مختلفة من الضغوط الاقتصادية وغير الاقتصادية والتي وصلت أحياناً إلى حد الصدام والابتزاز . وربما تجدر الإشارة هنا إلى أن أول مؤتمر قمة عربية عقد في كانون الثاني من عام 1964 خصصت مناقشاته لوضع الصيغ وإيجاد السبل الكفيلة لمواجهة قيام اسرائيل ببناء مشروعات على نهر الأردن تضمن لها أكبر قدر من المياه على حساب العرب التي تقع في أراضيهم منابع النهر.

  • مشاريع التعاون الإقليمي: مع أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات زمن انتقال العالم من عصر إلى عصر – ومع مؤتمر مدريد كثر الحديث في وسائل الإعلام العالمية ونشطت مراكز البحوث والدراسات خاصة في دول الغرب بهدف وضع تصورات مستقبلية خاصة بنظام اقتصادي جديد في الشرق الأوسط ( دراسات أمريكية – أوروبية – اسرائيلية) وكان من أشهر هذه الدراسات كتاب الشرق الأوسط الجديد لشمعون بيريز – وزير خارجية اسرائيل. معظم تلك الدراسات تتفق فيما بينها على أن النظام الاقتصادي الشرق أوسطي الجديد يمكن أن يتم على ثلاثة مستويات:
  • المستوى الأول : إقامة تجمع اقتصادي ثلاثي بين الأردن والكيان الفلسطيني الوليد وإسرائيل أو ما يسمى بالبينلوكس العربية (البينلوكس تجمع اقتصادي بين ثلاث اقتصاديات أوروبية صغيرة هي بلجيكا – هولندا – لوكسمبورغ).
  • المستوى الثاني : إقامة منطقة للتبادل التجاري الحر تضم بالإضافة إلى دول التجمع السابق كلا من مصر – سورية ولبنان.
  • المستوى الثالث: إقامة منطقة موسعة للتعاون الاقتصادي تشمل بالإضافة إلى الدول السابقة دول مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى عربية وغير عربية في منطقة الشرق الأوسط.

تتضمن تلك التصورات مستويات متداخلة ومترابطة للتعاون الإقليمي المقترح، مثلاً:

  • مشاريع الربط الإقليمي ( مياه – نفط – كهرباء ).
  • تعاون في مجالات السياحة – الزراعة – الصناعة – التعليم .. وقد ذهب شمعون بيريز إلى أكثر من ذلك مطالباً بتأسيس بنك إقليمي للشرق الأوسط على غرار البنك الأوروبي لإعادة إعمار أوروبا الشرقية ، معظم رأسماله يتكون من رؤوس أموال خليجية وأوروبية لتمويل جزء هام من مشاريع التعاون تلك. ومن بين التصورات العملية التي يقترحها بيريز قيام الدول المنتجة والمستهلكة للنفط بتخصيص دولار واحد من سعر كل برميل نفط يباع ويستهلك يوظف في بنك الشرق الأوسط المقترح.

التحديات الداخلية

وهي التحديات ذات العلاقة بالشأن الداخلي للمنطقة العربية ، ولضيق الوقت سنكتفي   – وبشكل سريع – بإيراد بعض من أهمها:

  • حالة الانكسار والتفكك العربي فالأمة العربية تواجه حالياً خطر تفكك العديد من الروابط فيما بينها والتي أسهمت في الماضي في تمكين الأمة من ممارسة إرادتها الذاتية فيما يتعلق بتسيير شؤونها ومواجهة التحديات التي اعترضتها . وإذا ما تحقق ذلك فإن الأمة دولاً وشعوباً ستدخل معزولة عن بعضها – كل على حدة – في صراع حضاري مع القوى الفاعلة والمؤثرة في المنطقة صراع لم يعد العرب له الإعداد المطلوب مما ينبئ بنتائج هذا الصراع قبل أن تبدأ.
  • خروج النفط العربي من أي جهد عربي فعال في الصراع الحضاري المرتقب  نتيجة لضعف الوضع العربي من ناحية ونزعة السيطرة الواضحة لدى دول الغرب الصناعي      ( خاصة أمريكا ) على منابع النفط من ناحية أخرى . علماً بأن النفط العربي والذي يشكل حوالي 60% من الاحتياطي النفطي المؤكد في العالم يمكن أن يلعب دوراً هاماً في المستقبل خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار الاحتمال الحقيقي لنضوب النفط في مناطق نفطية منتجة حالياً . فالتقديرات تشير إلى أن الاحتياطي النفطي المؤكد عالمياً يبلغ حالياً نحو 140 بليون طن          أي ما يكفي وفق معدلات الاستهلاك العالمية الراهنة لحوالي 45 سنة قادمة فقط.
  • التناقض القائم بين معدلات النمو السكاني المرتفعة في الوطن العربي و موارد التنمية المحدودة فيه . تشير التقديرات إلى أن المنطقة العربية تعتبر من المناطق ذات معدلات النمو السكاني المرتفعة حوالي 2,5 % سنوياً ( المعدل العالمي حالياً حوالي 1,7% سنوياً ) . فمثلاً من المتوقع أن يصل عدد سكان مصر في عام 2030 إلى نحو 111 مليون نسمة خلال الأربعين عاماً القادمة بينما من المتوقع أن يزداد عدد سكان أمريكا – روسيا – اليابان – بريطانيا – ألمانيا – إيطاليا وفرنسا مجتمعة حوالي 115 مليون نسمة خلال نفس الفترة . هذه الزيادة ستؤدي إلى زيادة موازية في الطلب على الحاجات ( غذاء – ماء – سكن ) مما سيجعل الوطن العربي يواجه تحدياً حقيقياً نتيجة لتفاقم التناقض القائم بين مؤشري زيادة السكان ومعدلات النمو .
  • تدني المستوى العلمي والتكنولوجي في المنطقة العربية : تشير تقديرات اليونيسكو إلى أن تفاوتاً كبيراً يسود في المستوى العلمي والتكنولوجي بين الدول العربية والعديد من دول العالم خاصة الدول المتقدمة صناعياً . فعدد الباحثين العلميين في المنطقة العربية يقدر بنحو 318 باحثاً لكل مليون من السكان بينما تبلغ هذه النسبة في بلد كإسرائيل مثلاً 4,4 باحث لكل ألف شخص، وفي مجال البحوث العلمية يستثمر الوطن العربي حوالي 0,75 % من ناتجه القومي بينما تبلغ هذه النسبة في العالم الصناعي حوالي 2,9 % حالياً. هذه المؤشرات وغيرها توحي بالمستوى المتواضع للعلوم والتكنولوجيا السائد في منطقتنا وتزداد هذه الحالة خطورة إذا ما أخذ بعين الاعتبار أن العالم يعيش في المرحلة الثالثة من الثورة العلمية التكنولوجية.

يتضح من كل ما تقدم بأن ما نواجهه من تحديات هي عديدة ومعقدة مما يوحي بأن صراعنا الحضاري المقبل لن يكون أكثر يسراً وسهولة مما عرفناه ونعرفه حتى الآن من أشكال الصراع الأخرى ولن يقل عنها أهمية ، لا بل يمكننا أن نقول أكثر من ذلك بأن مستقبل الأمة سيرتبط إلى حد بعيد بنتائج صراعنا المقبل . وبطبيعة الحال فإن النتائج تحددها دوماً موازين القوى بين أطراف الصراع وطريقة إدارة كل منهم لقواه وموارده المتاحة والمحتملة . وفي سياق الحديث عن طريقة التعامل يسمع على امتداد الوطن العربي آراء متعددة ودعوات متباينة يمكن تصنيفها وعلى درجات متفاوتة تحت عنوانين :

  • المواجهة.
  • التكيف .

وللمواجهة أشكال مختلفة وصيغ متعددة وربما كان أكثرها إلحاحاً في المرحلة الراهنة مواجهة العرب لذاتهم بغية تحديد مكامن القوة و الضعف فيها . فما نحن فيه من انكسار وتفكك يجب ألا يستمر ونأمل ألا يستمر وكما قال السيد الرئيس حافظ الأسد في كلمته أثناء افتتاح الدور التشريعي السادس لمجلس الشعب : ” إن هذا الذي يحيط بالوطن العربي هو أمر عارض في منظار الزمن لن يدوم ولن يطول وإن الأمة العربية ستنهض وتواجه كل المخاطر والتحديات كما كان ذلك شأنها في مراحل تاريخها ” .

أما عن التكيف فالواقعية تقتضي منا أن نقر بأهمية الاعتراف والتعامل مع الحقائق الجديدة في منطقتنا والعالم مع التوضيح بأن هنالك فرقاً جوهرياً بين التكيف مع واقع ما والاستسلام له . فإذا كان الاستسلام يعني الرضوخ للواقع فإن التكيف يعني التعامل مع حقائق هذا الواقع والاعتراف بقوانينه على وعد وأمل بتغيير حقائق القوة فيه حيثما كان ذلك ممكناً وحيثما كان ذلك متاحاً .

ولنا في تجارب شعوب عديدة واجهت أحوالاً مشابهة نماذج تستحق الدراسة. فاليابان التي وصفت بعض الصحافة الأوروبية رئيس وزرائها في أول رحلة له خارج اليابان بعد الحرب العالمية الثانية أوائل الستينات بتاجر الترانزستور غدت الآن واحداً من أهم أركان ما يعرف في العالم بمثلث القوة والغنى    ( الولايات المتحدة الأمريكية – الاتحاد الأوروبي – اليابان ).

أما ألمانيا فقد حققت في صراعها الحضاري ومن خلال تطورها الاقتصادي وتقدمها التكنولوجي ما عجزت عن تحقيقه من خلال حربين عالميتين في هذا القرن وبالنسبة لنا  كعرب فلنأمل و لنعمل على أن تكون الاستجابة بمستوى التحديات التي تواجهنا ، فربما أعطت منطقتنا نموذجاً تاريخياً آخر لصحة المقولة الشهيرة في  التحدي والاستجابة.

 

الدكتور محمد توفيق سماق