خبير اقتصادي يدعو الدول العربية إلى اتخاذ اجراءات للتكيف مع اتفاقية الغات المقال رقم /22/

صحيفة القدس صادرة في لندن

العدد : 1572 –   تاريخ: 14/6/1994

نص تصريح لوكالة رويتر للأنباء .

دمشق . من عصام حمزة :

قال خبير اقتصادي عربي أن بدء تطبيق اتفاقية التجارة الدولية الحرة (الغات ) يحتم على الدول العربية والدول النامية إجراء مراجعة شاملة وموسعة لسياساتها التنموية وآليات عملها الاقتصادي لتعيد تكييف نفسها مع المتغيرات الدولية التي حدثت نتيجة لذلك .

وقال المستشار محمد سماق ،وهو مستشار في وزارة الصناعة السورية ويحمل إجازتي دكتوراه في العلوم الاقتصادية والهندسة الكهربائية من ألمانيا ،في حديث لرويتر إن خسارة أو ربح الدول العربية والنامية الذي سينتج عن تطبيق اتفاقية الغات يتحدد بقدرة هذه الدول على التكيف العقلاني بمعنى أن تمتلك الإرادة لإجراء المراجعة والبحث عن الإمكانيات المتاحة لاستغلالها بشكل أفضل . وقال: « إن ذلك يعني أن تتعامل هذه الدول بصورة أكثر عقلانية وأكثر انفتاحاً مع المتغيرات الجديدة في   العالم ». وأضاف الدكتور سماق أنه بصرف النظر عن الموقف من هذا الاتفاق فإنه مما لاشك فيه أن أهميته تكمن في طابعه العالمي الذي يتجلى في عدد الدول التي وقعت عليه وهي حوالي  70 بالمئة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وفي دور بعضها الحاكم و الموجه في الاقتصاد العالمي مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان وغيرها . و قال إن الدول النامية ستتأثر بالاتفاق سواء وقعت عليه أم لم توقع عليه ، ويمكن تلخيص هذه الآثار بالنسبة للدول المتحفظة أو المترددة في توقيع الاتفاق كالتالي :

  • سيؤدي إلى انعزال الدول غير الموقعة عن الجزء الأكبر و الأهم من العالم أي الانعزال عن نظام اقتصادي دولي جديد في مرحلة التشكل .
  • تدني القدرة التنافسية لصادرات هذه الدول إلى أسواق دول اتفاقية الغات بسبب بقاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام صادرات الدول غير الموقعة مع احتمال زيادتها مستقبلا كنوع من الضغط على الدول غير الموقعة بينما من المقرر أن تخفف هذه الحواجز أو تلغى أحياناً بالنسبة لصادرات دول الاتفاقية فيما بينها على مدى قد لا يتجاوز العشر سنوات .
  • ارتفاع أسعار المنتجات التكنولوجية المستوردة للدول غير الموقعة بسبب ما نص عليه اتفاق مراكش من قواعد خاصة بحماية حقوق الاختراع والنشر وعلامات المنشأ و العلامات التجارية وماشابه ذلك .
  • تعثر علاقة هذه الدول مع المؤسسات المالية والاقتصادية التي تلعب دوراً هاماً في الاقتصاد العالمي حالياً مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرها .

توقع ممارسة ضغوط اقتصادية وغير اقتصادية من قبل القوى الاقتصادية الكبرى الموقعة على الاتفاقية على الدول المتحفظة أو المترددة ، وقال الدكتور سماق أنه بالنسبة للدول الموقعة فإن الآثار السلبية يمكن أن تكون على النحو التالي :

  • انخفاض موارد الخزينة العامة في هذه الدول بسبب تدني الرسوم الجمركية و إلغائها أحياناً بالنسبة لبعض السلع المشمولة بالاتفاق كالنسيج والملابس على سبيل المثال خلال عشر سنوات من دون رسوم .
  • محدودية قدرة الدولة الموقعة على استخدام سلاح دعم الصادرات اعتباراً من عام 1995 و توقع منعه نهائياً في مستقبل قد لا يكون بعيداً .
  • تدويل بعض القضايا الاقتصادية كالبيئة وظروف العمل التي كانت تعتبر إلى عهد قريب قضايا محلية تعالجها كل دولة على حدة وفق منظورها الخاص وحسب إمكانياتها المتاحة .

وقال الدكتور سماق أنه يمكن تلخيص الأثر الايجابي للاتفاق على الدول الموقعة على الاتفاق كالتالي :

  • احتمال زيادة صادرات هذه الدول إلى الدول الأخرى نتيجة لتخفيف أو إلغاء الحواجز الجمركية .
  • دفع هذه الدول لاستغلال أفضل لقدراتها و إمكانياتها بغية تحسين قدرتها التنافسية في السوق العالمية مما سيؤدي إلى تحسين موقعها التفاوضي فيما يتعلق  بالاقتصاد العالمي.
  • التخفيف من النزعة الحمائية التي برزت لدى دول الاتحاد الأوروبي وبعض دول جنوب شرق آسيا وخاصة اليابان قبل اتفاق مراكش مما سيتيح لصادرات الدول النامية الدخول بسهولة أكبر إلى أسواق هذه الدول .

واختتم الدكتور سماق حديثه بالقول «إنني اعتقد أن هذه الإيجابيات وغيرها ستساهم  في خلق نظام تجارة دولي أكثر عدالة وهذا ما كانت  تطالب به الدول النامية منذ أمد طويل  .

 

الدكتور محمد توفيق سماق