ضجيـج الخطــة ـــ المقال رقم /106/

صحيفة الثورة   – دمشق – سورية

العدد:   13005 تاريخ  5/2006/ 9

 

ازدحمت وسائل الإعلام المحلية في الأشهر الأخيرة بأحاديث مسهبة عن الخطة الخمسية العاشرة بتوجهاتها و معدلات نموها و أهدافها . كما تباينت الآراء و تعددت حول توصيفها و إمكانية تنفيذها , حسب المواقع و المذاهب . واضعوا  الخطة لم يبخلوا عليها بالصفات و المزايا , فهي وفق رؤاهم خطة : تشاركية بين القطاعين العام و الخاص  وديناميكية قابلة للتعديل باستمرار , و مولدة لـ 1.250 مليون فرصة عمل , وهي قبل هذا وذاك تؤسس لعقد اجتماعي جديد يهدف لتحويل المجتمع السوري إلى مجتمع حديث مبني على المعرفة و التنافسية و القيم المضافة و ثقافة العمل الحر ؟!….. وفق بعض التصريحات المنشورة في صحافتنا المحلية .

آخرون من المهتمين بالشأن الاقتصادي شككوا في سلامة منطلقاتها وفي واقعيتها و إمكانية تنفيذها و الآثار الاجتماعية السلبية المترتبة على النجاح في تحقيقها     و لو بشكل جزئي ……. و غير ذلك .

لكن وبصرف النظر عن مشروعية اعتراضات المعترضين وواقعية الصفات و المزايا التي أسبغها عليها المخططون نسأل ماهي هذه الخطة ؟ و ماهي نتائجها ؟

في الإجابة على كلا السؤالين يمكننا بإيجاز قول الآتي :

  • الخطة الخمسية العاشرة هي أشبه ببرنامج يحدد منطلقات عمل الحكومة و آلياته  و أهدافه على مدى السنوات الخمس القادمة , و الخطة موضوع الحديث طموحة وفق ما أرى و هذا يحسب لها ويسجل لواضعيها .
  • تفترض الخطة إضافة استثمارات جديدة للاقتصاد الوطني تبلغ 1800 مليار ل س على أن تشكل الاستثمارات الحكومية نسبة 47%( أي 850 مليار ل س )      أما الباقي و هو 950 مليار ل س فقد ترك للقطاع الخاص المحلي و الأجنبي كي يوفره و يوظفه في قطاعات الاقتصاد الوطني المختلفة.
  • الهدف النهائي للخطة هو زيادة معدل نمو الاقتصاد الوطني 7% سنوياً و فق السيناريو الأول المتفائل , أو 5 % وفق السيناريو الثاني الأقل تفاؤلاً ,كما توضح الخطة بأن النجاح في تحقيق أي من معدلات النمو 7% أو 5% يرتبط بتوفر الموارد من ناحية و إجمالي الظروف المحلية و الإقليمية السائدة أو التي ستسود خلال سنوات الخطة , أي خلال الأعوام( 2006 – 2010 ) من ناحية أخرى. هنا نضيف طالما أن قضية التخطيط المستقبلي لدينا و لدى غيرنا محكومة دائماً بشروط وعوامل يصعب التنبؤ المسبق بها بشكل دقيق لذا كانت الدراسات المستقبلية بمجملها تقوم على الاحتمالات , لنا أن نفترض بأن الاستثمارات المطلوبة للخطة ستتوفر بالكامل كما رغب المخططون و الظروف المحلية  و الإقليمية ستكون نموذجية مما يمكننا بالنتيجة من تحقيق معدل النمو و فق السيناريو المتفائل أي 7% سنوياً على مدى سنوات الخطة فماذا سيعني ذلك بالنسبة للمواطن السوري ؟

ذلك سيعني زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في سورية ( يساوي تقريباً وسطي دخل الفرد السنوي ) من حوالي 1100 دولار أمريكي في عام 2005 إلى نحو 1543 دولار أمريكي في عام 2010 . علماً أن وسطي دخل الفرد السنوي قد بلغ 1815 دولار أمريكي في الأردن و 2720 دولار أمريكي في تونس و 4714 دولار أمريكي في لبنان عام 2003 , أي أن وسطي دخل الفرد في سورية عام 2010 سيكون بعد تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة وفق أكثر الاحتمالات تفاؤلاً

85 %  من دخل الفرد في الأردن و نحو 57 % من دخل الفرد في تونس و نحو  33 %  من دخل الفرد في لبنان عام 2003 .

ألا تستدعي تلك البيانات و غيرها مما يمكن إيراده في  السياق ذاته أن يكون حديثنا عن الخطة أكثر واقعية و طموحاتنا أكثر تواضعاً ؟

ذلك كله لن يقلل من أهمية الخطة بل سيجعلها أكثر إقناعاً مما يولد حالة من التعاطف العام معها تعزز من فرص تحقيقها كما يعيد للتخطيط ما فقده من مصداقية على مدى عقود عديدة سابقة .

فبغياب الواقعية و بالتطرف في لغة الخطاب و بالمبالغة في الطموحات سيظل التخطيط لدينا محكوم بخبرة التجارب …….. أي صيحة بلا صدى و قصيدة بلا جمهور .

 

الدكتور محمد توفيق سماق