ملخص عن مداخلة في ندوة دعت إليها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ــ المقال رقم /91/

صحيفة قاسيون – دمشق – سورية

تصدرها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين

العدد:   220  تاريخ  4/2004/ 22

مداخلة د . محمد سماق

أنا شاكر للدعوة التي وجهت إلي وأتاحت لي فرصة اللقاء بهذا الجمع الكريم . وبصدق ، تابعت ما سمعت باهتمام وشعرت بالتفهم لبعض ما قيل على الرغم من أني لا أتفق معه ، وشعرت بالسعادة لمعظم ما قيل . شعرت بالتفهم لبعض ما قيل على الرغم من خلافي معه بسبب أن كل ما قيل هو أكيد من باب الحرص على هذا الوطن ، وشعرت بالسعادة لأنني أريد أن أؤكد لكم كمواطن وكبعثي بأن هذه القضايا وما شابهها ، يشملها حوار شامل يدور بيننا داخل الحزب مما يؤكد في هذا السياق صحة خيارتنا وتوجهاتنا . وبما هو متاح لي من الوقت خلال هذه العشر دقائق ، سأحاول أن استعرض أمامكم بعض ما نفكر به داخل الحزب ، ليس كسامع ، وإنما كشاهد وشريك في كل اللجان التي تعمل في إطار تطوير الحزب والإصلاح الاقتصادي في سورية.

تحليلنا على النحو الآتي:

إن سورية فعلاً مستهدفة ، وتحديداً ما هو مستهدف من سورية قابل للتلخيص بجملة : حرية الخيار والقرار في سورية ، هذا هو جوهر الاستهداف ، ونحن نرى بأنه حتى نستطيع الحفاظ على سورية ، ونقصد بسورية تحديداً : أرضاً وشعباً ونظاماً ، يجب أن نتبع جملة من التوجهات والسياسات والإجراءات ، ألخصها بالآتي: ولكن قبل أن أتحدث عن هذه الخيارات والتوجهات ، أرجو أن أوضح أمراً سبقني إليه الأخ الكريم المتحدث قبلي ، بأننا ونحن نتحدث عن المواجهة ، ونحن نتحدث عن مقاومة ، أو باختصار كما يقال في علم السياسة: إدارة الصراع مع الآخر ، أرجو أن نميز بين ضرورات الأنظمة وخيارات الشعوب . هذا أمر جوهري في العمل السياسي ، للأنظمة ضروراتها التي تعكسها موازين القوى وللشعوب خياراتها التي تفرضها قناعاتها وانتماءاتها ومصالحها.

جملة القول أننا في الحزب نفكر للحفاظ على سورية أنه لا بد من تعزيز جبهتنا الداخلية ، واتجاهات هذا التعزيز قابلة للتلخيص بالآتي:

نحن بحاجة إلى إصلاح ثنائي الأبعاد : إصلاح سياسي ، وإصلاح اقتصادي . الإصلاح السياسي يقوم على أساس توسيع دائرة المشاركة فالوطن ملك الجميع وليس منا من يملك الوطن منفرداً .  لا بعث ، ولا شيوعيين ، ولا غيرهم . في هذا السياق ، صيغة العمل السياسي أتوقع أن تكون موضع تطوير في المرحلة المقبلة ، صيغة العمل السياسي القائمة على أساس جبهة وطنية تقدمية يقودها حزب البعث.

أما الآلية فأغلب الظن ، على الأقل هذا ما يطرح ، هذا ليس كلاماً رسمياً ، وإنما ما يطرح ، ما يدور من نقاش ، سيكون هناك قانون للأحزاب ، ستتاح إمكانية تشكيل أحزاب ، وهذه الأحزاب ليس بالضرورة أن تكون كلها في جبهة واحدة تنظيمياً  ، وطنياً بالتأكيد تتعامل مع بعضها على قاعدة ، لنتعاون فيما اتفقنا عليه ، وليحاور بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه.

أيضاً هناك بعض القضايا المتعلقة وطرحت في هذه اللقاء حول قضايا العمل الوطني ، والبعض قال وبحق : بالنسبة لإخواننا الأكراد ، تحدث عن هذا الموضوع . وأنا كمواطن وكبعثي أقول أكيد نحن نشعر جميعاً بالاعتزاز والفخر لانتمائنا جميعاً أكراداً وعرباً لسورية ، لا خلاف على ذلك ، إذا كانت هناك مشكلة مواطنة ، فيجب أن تنحل ، هذا كلام حق ، لكن ما هو ليس بحق ، أن تكون كلمة حق توصلنا إلى الباطل . أن نطالب بحل مشكلة المواطنة كما قلت حق ، لكن أن نتخذها ذريعة لتخريب منشآت عامة ، وتهديد وحدة الوطن واستقراره فلا أعتقد لا إخواننا الأكراد ولا العرب يقبلون ذلك . أما فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي ، فأيضاً له محاور . من محاور هذا الإصلاح الاقتصادي : مراجعة الدور الاقتصادي للدولة . من محاوره مزيداً من الاندماج في الاقتصاد العالمي.

نحن لا يمكن أن نتصرف كجزيرة معزولة ، علينا أن نكون واقعيين ، من محاوره مراجعة دور القطاع العام ، من محاوره أيضاً مواجهة الفساد بشقيه أو بنوعيه الإداري والمالي، هنالك فساد  لكن في هذا السياق أريد أن أوضح أمراً ، لسنا وحدنا المختصين بالفساد سأعطيكم فقط رقماً واحداً . في منطقة الخليج العربي هناك 185 ألف شخص ، يملك كل منهم ما يزيد عن مليون دولار إجمالي ثرواتهم تقدر بسبعمائة وثمانية عشر مليار دولار ، هذا الكلام كان في عام  2001 يعني أكثر من الناتج المحلي الإجمالي للوطن العربي بملياري دولار ، ثروات من هذا النوع بهذه الأرقام الفلكية ، قد يكون بعضها مشروعاً ، لكن بالتأكيد ليس كلها مشروعاً ، على كل حال هذا الأمر لا يبرر ما لدينا من فساد لا ، لكن ما أردت توضيحه أننا لسنا وحدنا المختصين بالفساد ، نحن ندرك أن أي إصلاح اقتصادي يقوم على ركيزتين : تطوير أداء الاقتصاد الوطني ، وتحسين عدالة توزيع الدخل. نحن في الحزب نشعر بعمق بأن الدخل الوطني يوجد خلل في توزيعه وسأعطي أيضاً رقماً جديداً ، نحن ندرك هذه الأرقام ، نحن نتعامل معها يومياً ، 66% من العاملين في الدولة والقطاع العام تقل رواتبهم عن 7500 ل.س إذا أخذنا وسطي الأسرة خمسة أشخاص ، هذا يعني تقريباً 30 دولاراً للفرد الواحد من أسرة المشتغل ، يعني بالقرب من خط الفقر . هذه القضايا بحاجة إلى إعادة نظر ، بحاجة إلى مراجعة ، وهنالك توجهات جادة وحقيقية لإعادة النظر بهذه القضايا . هكذا نفكر نحن ، لكن حتى لا أتجاوز الوقت ، ما أريد في النهاية الإشارة إليه ، هو أننا جميعاً نريد الإصلاح ، و جميعاً نطالب بالإصلاح هذا حق . لكن علينا ألا نغالي في مطالبنا ، وألا نغالي في تشخيصنا ، كي لا نصل إلى نتائج خاطئة ، وأن نستخدم مصطلحات قد يكون لها بعض ردود الفعل ، مثل ( القهر والحرمان والدولة الأمنية ، والفساد المستشري ) هنالك فساد ولكن لنكن موضوعيين ، وكما قال قبل قليل الأخ ، أخي وصديقي الأستاذ جمال القادري : الموضوعية تقتضي النظر بعينين ، بالإيجابي والسلبي .

على أية حال ، نحن نريد الإصلاح لكن علينا ألا نغالي بالمطالبة به سرعة واتجاه ، هذا أمر جوهري حرصاً على الإصلاح وهذه هي تجارب الحياة وتجارب جميع الشعوب.

وفي الختام ، أستذكر قولاً لإمام المصلحين الرسول العربي الكريم الذي يقول : ” إياكم والغلو في  الدين ، فقد هلك من قبلكم لغلوهم ” . فإذا كان لا يجوز الغلو في الدين ، فلا يجوز في شيء آخر .. وشكراً لكم.

 

                            صحيفة قاسيون

                                                                                              ملخص عن مداخلة في ندوة دعت إليها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين