مَنْ المسـؤول ؟ ــ المقال رقم /116/

صحيفة الثورة   – دمشق – سورية

العدد:   13388 تاريخ  8/2007/ 15

 

تعاني حياتنا العامة بعضاً من مظاهر الخلل في العديد من جوانبها: في الكهرباء – والماء – والمرور- … وغيرها ، فمَنْ المسؤول عما آلت إليه أوضاع تلك القطاعات؟

الكهرباء تقطع لفترات زمنية طويلة تؤثر على الفرد في حياته اليومية وعلى الاقتصاد في حركته وأدائه.

الأسباب المعلنة لم تكن مفاجئة وليست مستعصية على الحل، فمثلاً يقال عن تنامٍ كبيرٍ للطلب على الطاقة الكهربائية يتراوح بين (8-10 %) سنوياً. فلماذا لم نحاول الإعداد لذلك من خلال التوسع في محطات توليد الطاقة وتركيب استطاعات جديدة، ويتم الحديث أيضاً عن قِدَم شبكات النقل والتوزيع فلماذا لم نقم بصيانتها أو استبدالها أو توسيعها وفق ما هو متعارف عليه عالمياً؟ والأغرب من كل ذلك شكوى مسؤولي قطاع الكهرباء عن النسبة الكبيرة في الفاقد والاستجرار غير النظامي المقدّر بما يزيد عن 30 % من الطاقة المولدة، والسؤال هنا لمن هذه الشكوى؟

هل هي للمواطن وإذا كان الأمر كذلك فهل في قدرة المواطن أو من مهامه قمع المخالفات وتحسين عامل الاستطاعة في الشبكة والتخفيف من الهدر والفاقد … وغير ذلك من الإجراءات المألوفة في حالات كهذه؟

المياه تقنن أيضاً لساعات عديدة يومياً وفي بعض المناطق لأيام، التبرير الرسمي المعلن لذلك هو عدم توفر الكميات الكافية والسؤال هنا هل تعتبر سورية من دول العوز المائي؟ لم يقل بذلك – وفق ما أعلم – أحد حتى الآن من خبراء الداخل أو الخارج. ثم ماذا عن المناطق الغنية بموارد المياه والمعروفة بأمطارها الوفيرة ففي بعض بلدات وقرى الساحل تنقطع المياه لأكثر من عشرين ساعة وأحياناً لأيام، فلماذا؟ علماً بأن هذه المناطق -كما هومعروف – لا تشكو من وفرة الأمطار أو مصادر المياه الأخرى 0

الأغرب من ذلك هو ظاهرة تلوّث مياه الشرب في بعض المناطق، ففي مدينة السلمية حدثتنا وسائل الإعلام عن تلوث جرثومي ثم بشّرت بمحاسبة المسؤول المحلي عن المياه ومعالجة ذلك، بعدها بأيام زفّ إلينا الإعلام أيضاً خبراً آخر وهو الانتقال من مرحلة التلوث الجرثومي إلى مرحلة مختلفة نوعياً وهي مرحلة التلوث الكيماوي حيث اختلطت مياه الشرب بالمحروقات    ( مازوت  أو غيره … ) !!

أما شوارعنا فقد تحولت بالفوضى والمنبهات الصوتية مع تدافع وتداخل المشاة ووسائط النقل إلى مشهد سريالي يصعب حتى على أصحاب المواهب من الفنانين فهمه أو رسم لوحة شبيهة به، لقد تحوّل المرور في شوارعنا إلى حرب شوارع ضحاياها تعد    بالآلاف سنوياً ؟!

لكن بعيداً عن تلك التفصيلات نعود إلى البدء لنستوضح مَنْ المسؤول عن ذلك وغيره؟ مهما كانت التفسيرات المعلنة مثل: عدم توريد قطع تبديلية من بعض الشركات العالمية لمحطات توليد الطاقة – أو عدم تنفيذ بعض العقود لإنشاء محطات توليد جديدة – قلة الهطولات المطرية وانخفاض منسوب بحيرة الأسد على سد الفرات بسبب قلة المياه الواردة من تركيا – الازدياد الكبير في عدد وسائط النقل مع ازدياد أعداد القادمين لسوريا استضافة     أو سياحة أو غير ذلك …

نقول كل تلك التفسيرات يصعب أن تتحول لمبررات، بمعنى تفسير مقنع للمواطن فمعظمها إن لم يكن كلها مكررة يتم الحديث عنها سنوياً لكن دون أن نستعد بما يكفي لمواجهتها     أو التعامل معها.

ربما كان التفسير الأكثر إقناعاً لكل ذلك هو عجز دوائر القرار المسؤولة في تلك القطاعات عن اتخاذ القرار المناسب في الزمن المناسب مما أهدر الوقت وفاقم المشاكل.

هنا يلح بالتداعي على الذهن سؤالاً آخر عن مشروعية استمرار المسؤول في موقعه مع عجزه عن التعامل مع قضايا ومشاكل القطاع الذي يخضع لولايته وإيجاد الحلول المناسبة لها في الزمن المناسب ؟ مع التشديد على أهمية الزمن فالزمن ليس ملك لنا وحدنا هو لنا ولغيرنا.

الأمم الحية تدرك طبيعة الزمن لذلك لا تنتظر طويلاً 000 إنها تدرك بأن الزمن     لا ينتظر العاجزين

                                                         الدكتور محمد توفيق سماق