نائب رئيس لجنة ال ٣٥ للدومري: النمط الرقابي السائد حالياً لم يحقق النتائج المرجوة بدليل ازدياد عدد القضايا ــ المقال رقم /78/

صحيفة الدومري – دمشق  – سورية   

العدد :31 – تاريخ 1/10/2001   

أجرت الحوار- سمر طراف : توقع نائب رئيس لجنة الـ ٣٥ أن القرارات التي اقترحتها اللجنة في مشروع قانون إعادة هيكلة مؤسسات وشركات القطاع العام في سورية أن تكون مناسبة لهذا القطاع وقادرة على تحسين أدائه ، وأضاف الدكتور محمد توفيق سماق أن النمط الرقابي المقترح يعيد لموظف الخدمة العامة شيئاً من الأمان الشخصي.

” الدومري ” التقت الدكتور سماق نائب رئيس اللجنة التي تم تشكيلها في مطلع العام الحالي لوضع تصور محدد لمعالجة وضع القطاع العام ، وسميت رسمياً لجنة القرار ٣٨ و إعلامياً لجنة الـ ٣٥ لأنها تتكون من ٣٥ شخصاً يمثلون أحزاب الجبهة وعدد من الوزراء السابقين وحملة شهادات الدكتوراه  من اختصاصات مختلفة .

  • كيف بدأت قصة إصلاح القطاع العام؟
  • وجد المهتمون أنه لابد من إصلاح القطاع العام لتحسين أداء الاقتصاد الوطني كله ، فالقطاع العام يشكل قسماً كبيراً  من اقتصادنا الوطني ، ويساهم بنحو ٤٣٪ من تكوين رأس المال الثابت ، وبحوالي ٣٩٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، كما أنه يشغل ٢٦٪ من قوة العمل الوطنية ، بمجمل هذه الأسباب نال القطاع العام هذا الاهتمام ، و لا يمكن الحديث عن تطور أداء الاقتصاد الوطني كله في سورية دون محاولة تحسين أداء القطاع العام .
  • ماهي الخطوات التي اتخذتها الحكومة للبدء في الإصلاح ؟
  • في أوائل الشهر الأخير من عام٢٠٠٠ كلف رئيس الوزراء فريقاً وطنياً لوضع تصور محدد لمعالجة وضع القطاع العام في سورية ، فوضع الفريق المكلف وثيقة للإصلاح نوقشت من قبل الحكومة ثم أحيلت إلى القيادة القطرية للحزب و من ثم إلى قيادة  الجبهة ، بالمحصلة صدر عن القيادة القطرية القرار رقم ٨٢  الذي تضمن الموافقة على وثيقة الإصلاح وفق عدد من الأسس  و المبادىء .
  • ما هي الأسس و المبادىء التي انطلقتم منها لإعداد المشروع المقترح ؟
  • المبدأ الأول كان الحفاظ على ملكية الدولة ، و الثاني : هو ما نسميه بالإدارة الاقتصادية ، أما الثالث: فهو فصل الإدارة عن الملكية ، و الرابع: اعتماد قانون التجارة كأساس فيما يتعلق بسياسات التسعير و الأجور و ما شابه ذلك ، والمبدأ الخامس : هو فصل القطاع العام عن الموازنة العامة للدولة ، أما كل العلاقات الأخرى القائمة حالياً فيجب أن تقلص أو تلغى . في اعتقادي تلك كانت أهم المبادىء التي انطلقنا منها، وبناء على قرار القيادة و هذه المبادىء تم تشكيل لجنة في مطلع العام الحالي سميت رسمياً لجنة القرار ٣٨ وفي وسائل الإعلام لجنة الـ ٣٥ ، لأنها تتكون من ٣٥ شخصاً . هذه اللجنة يمثل فيها أحزاب الجبهة السبعة ، وفيها عدد من الوزراء السابقين برئاسة وزير الصناعة ، وفيها ١٠ من حملة شهادة الدكتوراه في مختلف الاختصاصات اقتصاد ،حقوق ، هندسة ، إضافة           إلى مندوبين عن وزارات الدولة وجهاتها المتعددة ، من جملتها   وزارات  : الصناعة ، الاقتصاد، المالية ، الزراعة ،  رئاسة مجلس الوزراء ، إضافة إلى مندوبين عن الجهاز المركزي للرقابة المالية ، ومندوبين عن مجلس الدولة.
  • إذاً شكلت اللجنة تمثيلاً واسعاً للحياة العامة في سورية ؟
  • نعم ، وهذا أمر مبرر أيضاً ، نظراً لأن القطاع العام جزء مهم من الحياة العامة في سورية ، فأمر طبيعي أن أية لجنة أو مجموعة ستتصدى لإعادة مناقشة القطاع العام أن تمثل القوى الأساسية   و الفاعلة في الحياة العامة واللجنة في تقديري تعكس هذه القوى.
  • هل تكفي مجموعة الإجراءات المقترحة في المشروع لإصلاح القطاع العام في ظل الوضع الإداري الحالي ؟
  • تكفي أو لاتكفي ، قضية نسبية و سؤال افتراضي ، و لا يمكن الجزم بأنها تكفي بالكامل إلا بعد الإقرار والتطبيق ، التوقعات أنها تناسب إصلاح القطاع العام ، وقادرة على تحسين أدائه ، لكن أن نجزم و أن نقول بشكل يقيني إنها فعلاً كافية ، فهذه قضية لا يمكن البت بها  إلا بعد إقرار مشروع القانون .
  • ماهي أبرز مقترحات اللجنة؟
  • أولاً فيما يتعلق بالهياكل المتبعة نحن لدينا حالياً مؤسسة و شركة، المقترح أن يكون لدينا أربعة أنواع : مؤسسة عامة شركة عامة، شركة قابضة عامة، وشركة مساهمة عامة، إذاً أضفنا للهيكلين القائمين حالياً هيكلين جديدين هما الشركة القابضة العامة ، والشركة المساهمة العامة.
  • ما الهدف من إضافة الشركة القابضة والشركة المساهمة العامة؟
  • الهدف هو إعادة هيكلة أو إيجاد هياكل جديدة في القطاع العام تنسجم مع التوجه العام ، لأن الشركة القابضة في النهاية شركة مساهمة لكنها تملك عدداً آخر من الشركات ، وأما الشركة المساهمة فهي شركة وحيدة ، بينما القابضة تحقق هدفها عن طريق التملك  أو النشاط المباشر ، وبالتالي فكرة الشركة المساهمة أو الشركة القابضة أن تكون بشكل ما شكل من أشكال صناديق الإدخار وقنوات الاستثمار لأننا عندما نتحدث عن شركة قابضة أو شركة مساهمة معناه أن هناك من سيساهم أي توجد إمكانية لتتحول هذه الشركات إلى صناديق استثمار أو قنوات إدخار . هذا الأمر مفيد للقطاع العام الاقتصادي ، لأن القطاع العام من خلال مساهمة الجهات العامة في الدولة ستكون أسهمها غير مطروحة للتداول العام ، إنما أسهمها فقط  للجهات العامة . مثل المصارف والمؤسسات و ما شابه ، إذاً نوفر تمويلاً للقطاع العام من خلال مساهمة جهات القطاع العام ، الأمر الثاني المفيد للاقتصاد الوطني هو إيجاد قنوات إدخار و استثمار جديدة ، فنحن لدينا تقديرات تفيد بوجود حوالي ٣٩ ٪ من الكتلة النقدية في المصارف تبحث عن قنوات استثمار . فوجود هذه الهياكل يتيح أمام هذه الأموال أو الفوائض المالية مجالات للاستثمار ، وهذا اتجاه عالمي ليس فقط عندنا ، ففي الولايات المتحدة شركات قابضة منذ منتصف الخمسينات ، وفي لبنان منذ ١٩٨٣ ، وفي مصر منذ ١٩٩١، فنحن متأخرون دون شك لكن هذا اتجاه عالمي .
  • وماذا عن مقترحاتكم بشأن موضوع الرقابة على القطاع العام ؟
  • من وجهة نظرنا أنه ما دمنا نتكلم عن الفصل بين الإدارة و الملكية و الإدارة الاقتصادية  فالأساس هو المحاسبة على النتائج وفق أنظمة خاصة ، المهم النتيجة . لذلك قلنا في اللجنة أن مجلس الإدارة أو الهيئة العامة هو المسؤول عن نتائج هذه الأعمال ، وبالتالي كل جهة حسب الاختصاص سواء كان مجلس الإدارة أم الهيئة العامة    أم رئيس الهيئة العامة الذي اقترحناه الوزير المختص، إذاً تمارس الرقابة وفق الأنظمة و القوانين السائدة  . وهذا الأمر يقتضي استثناء لهذه القضايا من قانون العقوبات ، ومن قانون محاكم الأمن الاقتصادي   و من وصاية الهيئة المركزية للرقابة و التفتيش.
  • ماسبب مقترح اللجنة الاستثناء من هذه القوانين ومن وصاية الهيئة المركزية للرقابة؟
  • الاستثناء من هذه القوانين ومن وصاية الهيئة سببه أن النمط الرقابي السائد حالياً لم يحقق النتائج المرجوة بدليل ازدياد عدد القضايا المعروضة أمام محاكم الأمن الاقتصادي ، وازدياد الشكوى من الفساد . إذاً هذا النمط بحاجة لتغيير و حسب المشروع المقترح أعطينا الصلاحية لمجالس الإدارة و رئيس الهيئة العامة بالاستعانة بأية جهة يراها مناسبة في حال كان هناك ضرورة للتدخل أو ممارسة الرقابة لمخالفة قانونية . بمعنى يمكن لرئيس الهيئة العامة الاستعانة بالهيئة و الاستعانة بغيرها ، كذلك فيما يتعلق بالجهاز المركزي للرقابة المالية حالياً له وظيفتان : تدقيق حسابي ، والعملية الرقابية ، أي إما أن يقبل الميزانية ، أو أن يرفض قبولها ، توجهاتنا في اللجنة كانت أن يكون دور الجهاز المركزي للرقابة المالية مدقق حسابات فقط ، أما الوظيفة الرقابية فأعطيناها للهيئة العامة ، لأن النمط الرقابي السائد حالياً لم يحقق الهدف المرجو منه ، أي لم يحسن الأداء و يقلل الممارسات الخاطئة . إنما أدى إلى ما لا يقل خطورة عن الأمرين الآخرين ، وهو فقدان موظف الخدمة العامة إحساسه بالأمان ، وإلى تهربه من تحمل المسؤولية ، وهذه من أهم الأمور التي راكمت المشاكل في الاقتصاد الوطني لسنوات . لذلك توقعنا أنه إذا طورنا هذا النمط الرقابي ” و هو السائد في معظم دول العالم ”     قد نستطيع استعادة شيء من الأمان الشخصي لموظف الخدمة العامة ، وبالتالي قد نستطيع استعادة شيء من قدرة هذا الموظف على القيام بالمهام الموكلة.
  • القضية الأخرى التي كانت موضوع نقاش بين اللجنة والحكومة هي الشركات القابضة والمساهمة.
  • الحكومة تريد فقط شركات مساهمة ، لا تريد شركات قابضة و السبب فعلاً لا أعرفه .
  • قد يكون السبب هو التخوف من التجربة ؟
  • قد يكون لكن لا جواب لدي يريدون شركات مساهمة عامة وفق أحكام الشركات المساهمة العامة ، وأحكام قانون التجارة . أيضاً من الناحية القانونية لا يمكن إحداث شركات مساهمة عامة وفق قانون التجارة لأن قانون التجارة يجيز إحداث شركات مساهمة خاصة وفق آلية تتوفر في الشركات المساهمة . نحن في مشروع القانون نريد شركات مساهمة عامة ليس وفق أحكام قانون التجارة لأنه ببساطة من الناحية القانونية ومن حيث النصوص النافذة لا يسمح حالياً قانون التجارة بتأسيس شركات مساهمة عامة . لماذا نصر على الشركات المساهمة العامة وفق أحكام قانون التجارة أيضاً ليس لدي فكرة .
  • هل تتوقعون إذا تمت الموافقة على إحداث الشركات القابضة العامة أن تنجح هذه التجربة رغم عدم خوضها حتى الآن في سورية ؟
  • لا أجد شيئاً يمنع نجاحها ، النجاح أو الفشل يتعلق بقدرتنا على إدارة الشركة و بكفاءة الإدارة و بالظروف التشريعية و القانونية التي يتم توفيرها لهذه الشركة.
  • بتقديركم هل يمكن أن تساهم مقترحات اللجنة في تخفيف الفساد؟
  • قناعتنا نعم لم نجرب بعد ، لكننا نتوقع ذلك ، فالفساد له سببان أساسيان ، النوع الأول من الفساد سببه الشخص الذي يمارس الفساد لمراكمة الثروة و هذا الفساد أخلاقي و هو فساد القلة أو كما يسمى في الأعراف العالمية فساد ذوي الياقات البيضاء ، نحن غير معنين بهذا النوع من الفساد . أما النوع الثاني من الفساد فسببه الأساسي هو تدني مستوى الدخل ، فإذا استطعنا عن طريق المشروع المقبل تحسين أداء القطاع العام و بالتالي تحسين أداء الاقتصاد الوطني  كله ، وبالتالي تحسين مستوى دخول العمال ، فسيكون لهذا أثر إيجابي في تخفيف النزعة نحو ممارسة الفساد خاصة أن الإنسان لا يولد فاسداً بطبيعته، لكن الظروف قد تدفعه للفساد ، أو تساعده   في الحفاظ على الأخلاق.
  • متى تتوقعون أن تقر الحكومة القانون المقترح؟
  • هذا السؤال يجب أن يوجه للحكومة.

سمر طراف