مجلة الشهر- فرنسا – باريس
العدد: 59 – تاريخ /شهر 5 /1998 |
حول الاستعدادات و الأنشطة و الاجتماعات الدائمة و المستمرة بهذه الفترة التي تقوم التي تقوم بها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن للتنمية الصناعية في الدول العربية ، و ذلك لإنجاح انعقاد المؤتمر و المعرض المرافق له الذي يعقد بتاريخ ٢٢- ٢٥ / ٦ / ١٩٩٨ بدمشق عاصمة سورية أم القرار التي عودت الجميع بالسهر على مصالحهم و راحتهم و العناية بهم و اتخاذ القرارات العربية القومية الهامة . خاصة في هذه الظروف و التكتلات التي يمر بها العالم ، و المهرولين اللاهثين خلف الاستسلام المنفرد الداعين لإقامة تكتل يخدم مصلحتهم محاولين طرح البديل العربي في الساحة العالمية . إلا أن سورية كانت لهم سداً منيعاً فباءت محاولاتهم بالإخفاق و الخزي .
“الشهر” : التقت الدكتور محمد توفيق سماق بالحوار التالي :
- بدعوة كريمة من وزارة الصناعة في الجمهورية العربية السورية ، سينعقد المؤتمر العربي الثامن للتنمية الصناعية في الدول العربية- نرجو من حضرتكم إعطاءنا فكرة حول :
-التنظيم ، عدد الدول المشاركة ، الأوراق التي ستطرح للنقاش ؟
- هذا المؤتمر يعقد بدمشق بتاريخ ٢٢ – ٢٥ / ٧ / ١٩٩٨ تحت عنوان: الصناعة العربية في ظل المتغيرات الدولية . و يرافقه معرض يقام على أرض معرض دمشق الدولي بتاريخ ٢٢ -٢٦ / ٦ / ١٩٩٨ .
يشارك في هذا المؤتمر الأمين العام للجامعة العربية السيد الدكتور عصمت عبد المجيد بصفة ضيف شرف ، كما يشارك فيه وزراء الصناعة العرب و نخبة من الباحثين و أصحاب القرار و المهتمين بقضايا التنمية الاقتصادية و الصناعية منها على وجه الخصوص . يشارك أيضاً بالمؤتمر العديد من رجال الأعمال من القطاع الخاص في الدول العربية بالإضافة إلى العديد من غرف الصناعة والتجارة العربية و من بين المدعوين و المشاركين ممثلو عدد من المؤسسات و المنظمات الاقتصادية و المالية الدولية مثل : منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية – البنك الدولي – صندوق النقد الدولي – منظمة التجارة العالمية و غيرها … أهم المحاور التي ستكون موضوع المؤتمر المحاور الآتية :
1 – تقويم أثر المتغيرات الدولية ، خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة على الصناعة العربية .
2- البحث في الصيغ الممكنة و السبل الكفيلة لتعزيز و تنشيط العمل العربي المشترك في مجال الصناعة للتعامل مع هذه المتغيرات .
3- دراسة اقتراح بعض الصيغ لتنشيط التجارة العربية البينية علماً بأن مستواها حالياً متواضع لا يتجاوز ٩ ٪ من التجارة العربية مع العالم الخارجي ، و هذا الموضوع سيلقى أهمية بالغة من المؤتمر لكون المؤتمر العربي التنموي الأول بهذا الحجم الذي يعقد بعد قرار القمة العربية لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى اعتباراً من ١ / ١ / ١٩٩٨ .
4- تقويم و عرض فرص الاستثمار المتاحة في القطاعات الصناعية العربية مع الترويج لإقامة بعض المشاريع في الدول العربية برأسمال عربي أو أجنبي أو مشترك ( عربي – أجنبي ).
كمهتم و باحث اقتصادي _ برأيكم ماذا تتوقعون من نتائج لهذا المؤتمر .؟
- برأيي الشخصي لهذا المؤتمر ثلاث مهام أساسية ، تتلخص بثلاث كلمات : معرفة ، و تعارف ،و تعاون بناء . المعرفة الشخصية بين هذه النخبة من المجتمعين من أصحاب القرار و الرأي في القضايا التنموية بالعالم العربي كذلك تعميق معرفة هؤلاء بتجارب الدول العربية في المجالات التنموية .
و توقعي هذا مقرون بالأمل بأن تؤسس عمليتا المعرفة و التعارف هاتين لتعميق و تعزيز التعاون العربي في مجال الصناعة و الذي سيكون بلا شك مدخلاً إضافياً لتعزيز التعاون العربي في المجال الاقتصادي هذا من أهم غايات هذا المؤتمر .
- هل يعقب هذا المؤتمر انطلاقة نحو إقامة و إعلان السوق العربية المشتركة .؟
- فيما يتعلق بالسوق العربية المشتركة : أشعر و كأن هناك حاجة للتدقيق بعدما شاع بالوسائل الإعلامية في هذا السياق . أرجو التمييز بين مصطلحين – السوق العربية المشتركة ، و المنطقة التجارية العربية الحرة .
السوق تعني : انتقال السلع و رؤوس الأموال و اليد العاملة بحرية و دون قيود . و هذا هدف نسعى جميعاً لتحقيقه . لكن أعتقد مازال بعيد المدى ؟
أما ما نحن بصدده حالياً في العالم العربي ، فهو إقامة منطقة تجارية حرة . هذه تعني انتقال السلع فقط و فيما يتعلق بإقامة المنطقة سبق أن أشرت بأن من المحاور الأساسية لهذا المؤتمر دراسة السبل الممكنة و الصيغ المتاحة لتنشيط التجارة العربية البينية . و لا شك بأن ذلك سيساهم في تحقيق إقامة المنطقة العربية التجارية و ربما يساعد بالتسريع بإقامته . فحسب ما هو مقرر في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للجامعة العربية ستنتهي الدول العربية من إقامة المنطقة التجارية العربية في ٣١ / ١٢ / ٢٠٠٧ . في حال تحقق ذلك الوقت من دون أية عوائق أو عقبات . “و هذا ما نرجو” فإن الدول العربية ستكون متأخرة في تحرير التجارة فيما بينها عن دول منطقة الغات عامين إذ أنه حسب اتفاق مراكش ستنتهي فترة السماحات و الاستثناءات في منطقة الغات عام ٢٠٠٥ . لذلك نرى أنه من المهم و المفيد أن تبحث الدول العربية جدياً باحتمالات تسريع إقامة منطقة التجارة الحرة العربية ، بحيث ينتهي تنفيذها قبل الموعد المقرر حالياً ،أي قبل عام ٢٠٠٧. بحيث لا نكون متأخرين عن دول منطقة الغات و هذا ما سيتم طرحه في بعض الدراسات المقدمة للمؤتمر .
- هذا العصر .. عصر التكتلات الاقتصادية بكل الاتجاهات في العالم . فمتى يتكتل العرب و يصبحون أمة اقتصادية واحدة ؟!
- هذا العصرعصر التكتلات بلا شك . الاتجاه نحو التكتل في العالم واضح لاكتساب المزيد من القدرة على التنافس و النفوذ . و للعرب مسيرة طويلة في هذا السياق سأستعرض بعض محطاتها التاريخية و لو بشكل سريع . في عام ١٩٤٥ تم إنشاء الجامعة العربية و في عام ١٩٥٣ تم توقيع معاهدة الدفاع العربي المشترك كذلك في عام ١٩٥٧ تم توقيع اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية وتم إنشاء مجلس لهذه الوحدة ، مازال قائماً بالقاهرة حتى الآن .أما في عام ١٩٦٤ فأصبحت الطموحات أكثر بقليل ، فتم توقيع اتفاقية السوق العربية المشتركة و عام ١٩٨١ تم توقيع اتفاقية تيسير و تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية ، و عام ١٩٩٦ أقر مؤتمر القمة العربي المنعقد في القاهرة إقامة المنطقة التجارية العربية الحرة الكبرى ، كما تم الإشارة إلى ذلك سابقاً . من هذا الاستعراض السريع يتضح بأن هناك محاولات عديدة قد جرت لتعزيز التعاون العربي وخاصة في المجال الاقتصادي ، حتى محاولات التكتل الاقتصادي العربي و على الرغم من كثرة تلك المحاولات و طموحاتها إلا أن النتائج لم تكن بمستوى الرغبة حتى الآن . ما نأمله و نرجوه و ما سيساهم المؤتمر به هو قطع خطوات عملية و هامة باتجاه إنشاء التكتل الاقتصادي العربي المرغوب . باعتقادي إن ذلك الأمر بالغ الحيوية لتعزيز قدراتنا على التعامل مع المتغيرات العالمية و لجعل العلاقات الاقتصادية الدولية أكثر عدلاً و عدالة بالنسبة لنا كعرب . فبحكم الخلل الكبير السائد في موازين القوى الاقتصادية الدولية بيننا و بين العالم الخارجي تتكرر الشكوى و تستمر من عدم عدالة النظام الاقتصادي الدولي السائد حالياً .. و هذا حق … فالنظام غير عادل . لكن ما هو حق هو الإدراك بأن جعل النظام أكثر عدالة يقتضي منا العمل على تعديل موازين القوى الاقتصادية السائدة حالياً لمصلحة الطرف العربي و ذلك يقتضي مزيداً من التعاون و التكتل العربي في المجال الاقتصادي . فالعدالة كانت و مازالت تعادل القوى .
مفيد كمال الدين