صحيفة تشرين – دمشق – سورية
العدد : 11040 تاريخ 15/3/2011 |
ما جرى ويجري في الوطن العربي من ثورات هو تأكيد إضافي جديد على أن العرب أمة واحدة . فثورة تونس كانت الفتيل الذي أشعل ثورة مصر ومن تداعيات ثورة مصر كانت أحداث ليبيا . تلك الثورات حرضت على الحراك الشعبي النشط الذي تشهده العديد من الدول العربية الأخرى على امتداد ساحة الوطن العربي من مغربه إلى مشرقه ، من الجزائر إلى البحرين مرورا باليمن وعمان و غيرها. ما يجمع تلك الدول هو الانتماء إلى أمة واحدة بحيث يمكننا الحديث عن شعب واحد في دول متعددة . فالثورة الإيرانية على أهميتها والتي امتدت لأشهر عديدة من أواخر عام 1978 حتى أوائل 1979 لم تحرك سكان البحرين أو السعودية أو عمان أو تدفع إلى الاعتصام أو التظاهر على الرغم من القرب الجغرافي لضفتي الخليج العربي، وعلى الرغم من العوامل المذهبية المشتركة بين قسم كبير من سكان تلك الدول والشعب الإيراني.
لكننا نجد أن ثورات أفريقيا العربية خاصة الثورة المصرية وعلى الرغم من البعد الجغرافي استطاعت أن تؤثر وتحرض لتخرج آلاف الثائرين إلى الشوارع للاعتصام في الساحات والميادين العامة . وبعيدا عن منطقة الخليج العربي نتجه إلى أفريقيا لنسأل لو أن ما يحدث في ليبيا حدث في تشاد أو النيجر وهما دولتان متاخمتان جغرافيا لها هل كان ذلك سيثير اهتمام المواطن العربي ووسائل إعلامه من فضائيات وصحف كما تثيره أحداث ليبيا?
الجواب بشهادة الواقع هو النفي ، فإفريقيا تجتاحها الاضطرابات العرقية والمذهبية والسياسية بشكل متكرر . فعلى سبيل المثال عرفت رواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية اضطرابات عرقية لسنوات طويلة ، وعرفت نيجيريا منذ أشهر صراعات طائفية بين المسلمين والمسيحين ، كما اندلعت صراعات سياسية مؤخراً في ساحل العاج . مع ذلك لم يكن لهذا كله تأثير يذكر على المواطن العربي حتى في دول أفريقيا العربية على الرغم من كون الجميع مواطني قارة واحدة . هناك إذا ما هو أكثر وأعمق من العوامل الجغرافية ، إنه ذلك الحبل السري المكون من عوامل التاريخ والثقافة واللغة ، إنه الإحساس بالانتماء إلى أمة واحدة أو ما نسميه – بحق – العروبة.
تأسيسا على ما سبق نسأل أيضاً : ألا يعتبر المشهد العربي الراهن بتداعياته وتفاعلاته تأكيداً معاصراً لصحة الشعار البعثي الأول :
أمة ٌعربيةٌ واحدة ذاتُ رسالةٍ خالدة ?
الدكتور محمد توفيق سماق