نائب وزير الصناعة يكشف للـ ” الوطن” عن رؤية جديدة لإصلاح القطاع العام 44 شركة خاسرة و 49 شركة رابحة ورقيا ( 1-2) ــ المقال رقم /148/

صحيفة الوطن –  دمشق – سورية

العدد : 1252 تاريخ 25/9/2011

بكثير من الشفافية والوضوح كشف نائب وزير الصناعة د.محمد توفيق سماق عن الخفايا الحقيقية وراء تفشيل المحاولات المتكررة لإصلاح القطاع العام الصناعي مبينا أن مزاجية الحكومة السابقة هي من أدخل القطاع الصناعي في حالة الغيبوبة التي يعيشها حاليا معتبرها صاحبة الإرادة والفضل في إيقاف خطوات إصلاح هذا القطاع وتعثر شركاته.

وأضاف سماق خلال حديث خاص ب ” الوطن” إنه لا يحق للحكومة أن تتصرف بملكية القطاع العام على اعتبار أن المالك الحقيقي لهذا القطاع وبالدستور هو الشعب ومن لا يملك لا يحق له التصرف ?!

ولفت إلى أن ما نحتاجه اليوم هو إصلاح متعدد الجوانب فآلية الرقابة المتبعة حاليا لا يمكن أن تحل مشكلة الفساد الذي لا يزال ينتشر ويتوسع بل يخلق قضية أكبر من الفساد هي التهرب من المسؤولية مشددا على أن تكون الرقابة رقابة غير مؤذية.  وأصاف : إن دعم الطاقة بكل أنواعها قضية جوهرية ولا بد من مناقشتها بروية وهدوء وحساب أثرها في مجمل الاقتصاد الوطني.

محاولات فاشلة لإصلاح القطاع العام  

وفي التفاصيل قال د. سماق إن ما نقوم به اليوم لإصلاح القطاع العام الصناعي ليس جديدا بل هو محاولة إضافية قد تكون الأحدث لكنها ليست الأولى من حيث المبدأ ولا سيما أن هناك توجها لإصلاح هذا القطاع منذ عام 2000 وقد جرى العديد من المحاولات وفق أسس وتوجهات عليا وتم وضع مشاريع للقوانين كان آخرها محاولة عام 2008 التي قامت الحكومة السابقة ولاعتبارات خاصة بتجميد مشروع قانون الإصلاح فالتوجه قائم والمحاولات عديدة لكن لم يكتب لها النجاح ولم تصل إلى النهاية.

محاولات جديدة للإصلاح  

وأضاف:  إن كل محاولة إصلاح بحاجة إلى أربعة عوامل للنجاح تتجلى في الإرادة والإدارة والتشريعات إضافة إلى الموارد معتبرا أن الإرادة هي الأهم وكل الجهات المعنية اليوم تؤكد أن هناك رغبة جدية لإصلاح القطاع العام الصناعي مشيرا إلى أن هناك ضعفا في قضية الإرادة التي لم يكن لدى الحكومة السابقة الإرادة لإصلاح هذا القطاع لذلك قامت بإيقاف العديد من المحاولات لاعتبارات خاصة بها.

الأرباح وهمية

ولفت إلى أن قضية إصلاح القطاع العام الصناعي أصبحت قضية ملحة وطنيا قبل ان تكون اقتصادية وبلغة الأرقام قال:  إن هناك رقمين مثلا يوضحان خطورة ما نحن فيه كقطاع عام صناعي ، المؤشر الأول مرتبط بالمخازين والأرباح ، فالمخازين منذ بداية العام كانت بحدود 18 مليار ليرة واليوم ازدادت نحو أكثر من 3 مليارات ليرة كما أن الأرباح كانت في مطلع العام الحالي بحدود أيضا 18 مليارا ومن ثم هذه الأرباح يوازيها ما هو موجود بالمستودعات – وحسب النائب – إن هذه الأرباح وهمية ما دامت هذه الشركات تفتقر للسيولة.

أما المؤشر الثاني فقد بين سماق أنه مرتبط بالمنشآت التي وصل عددها إلى 114 منشأة ترتبط بثماني مؤسسات وهي موزعة أربعة معامل ترتبط بالمؤسسة العامة للتبغ و17 محلجا ترتبط بالمؤسسة العامة للحلج وتسويق الأقطان إضافة إلى 93 شركة ترتبط بالمؤسسات الست الباقية وفي مطلع هذا العام بينت الإحصاءات أن هناك 44 شركة خاسرة 49 شركة رابحة ورقياً علماً أن بعض هذه الشركات أرباحه تدور حول نقطة التعادل لافتا إلى أن هذه المؤشرات غير مقبولة تحت أي عنوان أو أي مبرر ، لذلك إصلاح القطاع العام أصبح ضرورة وطنية وهو ما نعمل عليه حاليا.

إصلاح القطاع العام يجب أن يكون جذريا    

وعن أسس الإصلاح التي يتم البدء بها قال : نعمل على متابعة الوضع الراهن بكل ما فيه ونحاول إيجاد بعض الحلول الإسعافية علماً أن هدفنا الأسمى هو مستقبل القطاع العام والذي اعتبره الأهم مبينا أن ما نطالب به يتمثل بإصلاح هذا القطاع بشكل جذري لأن هناك فرقا كبيرا بين الحلول الإسعافية والمعالجة الحقيقية والتي يتم العمل عليها وفق العديد من الأسس أبرزها:

تحويل مؤسسات القطاع العام إلى شركات قابضة على أن هذا المقترح كان مطروحا في السابق لكن لم يوافق عليه، اليوم نحن نطالب بتطبيقه لأن الشركات القابضة هي شركات أموال ليس لها تخصص إنتاجي معين وهمها وهدفها الأساسي هو الربح .

مثلا الصناعات النسيجية وحسب مرسوم إحداثها لا يحق لها العمل إلا بالصناعات النسيجية وإذا تحولت هذه المؤسسة إلى شركة قابضة للصناعات النسيجية يكون نشاطها الأساسي هو الصناعات النسيجية لكن يحق لها أن تعمل وفق ما تراه مناسبا ورابحا حيث تعمل على أن يكون لديها مورد جديد . من الممكن أن يتم العمل بهذا النوع من المرونة للمؤسسات الصناعية القائمة حاليا ومن لديه فوائض يستثمرها لأن الأساس هو أن تعمل هذه المؤسسات وفق معايير اقتصادية ( ربح – خسارة ) موضحا أن الجانب الاجتماعي هو مسؤولية الحكومة وليس مسؤولية المؤسسة مع تأكيد مراعاة الجانب الاجتماعي لكن وفق مقتضيات العمل ووفق توزيع المسؤوليات وحاليا القطاع العام يتحمل جزءاً من الوظيفة الاجتماعية هذا الجزء يجب أن تقوم به الحكومة.

الحكومة هي من يتحمل خسائر الشركات

ويضيف الدكتور سماق : إن بيع الغزول مثلا بأقل من سعرها الطبيعي ليس المؤسسة من يتحمل خسائره الأمر الذي يتطلب إيجاد بند ضمن الموازنة العامة للدولة يقضي تقديم الدعم أو إقامة صندوق تنشئه وزارة المالية أو أي هيئة أخرى تدعم فيه الغزول لكن المؤسسة يجب أن تبيع بالسعر الاقتصادي . ويرى سماق أنه في حال قدر لهذه المحاولة أن تنجح لا بد من فصل مؤسسات القطاع العام الصناعي قانونياً عن خطط الدولة بمعنى تجنيب هذه المؤسسات التدخلات من وزارة المالية وغيرها من الجهات الأخرى الني تمارس وصاية عليها أي يجب أن ترفع هذه الوصاية عن المؤسسات حتى تستطيع العمل وفق معايير اقتصادية.

إنصاف العاملين أساس للإصلاح

وفيما يخص قضية العمال والعمالة الفائضة قال : سيكون هناك العديد من الأنظمة التي يجب أن تراعي مسألة الأجور والرواتب وغيرها بحيث ترتبط بمردود هذه الشركات القابضة أو ريعيتها مشدداً على ضرورة أن تكون المرجعية هي تطبيق قانون العاملين الأساسي الموحد وليس القانون 17 الذي صدر مؤخرا على أن الأول يشكل ضمانا حقيقيا للعاملين في هذه المؤسسات والشركات مشيرا إلى أنه لدينا 73 ألفا و500 عامل هذا الرقم يؤكد أن هناك 73 ألفا و500 أسرة ناهيك عما هو مرتبط بهذه الأسر من عشرات الآلاف إذاً ضمان عدم التسريح يوفر الطمأنينة لعشرات الآلاف من الأسر . ومن الأسس المهمة لإصلاح القطاع العام الصناعي الرقابة فنحن مع أن يكون هناك رقابة سواء من هيئة الرقابة والتفتيش أم من الجهاز المركزي لكن ما سيختلف مستقبلا هو شكل هذه الرقابة وكيفية ممارستها . حالياً هذه الأجهزة تمارس الرقابة دون قيد أو شرط هذه الرقابة يحق لها أن تدخل أي منشأة وتكتب تقريرها ومن الواجب تنفيذه ، أما المطلوب في القانون الجديد هو ألا يحق لأجهزة الرقابة الدخول إلى أي منشأة إلا بقرار من وزير الصناعة وبموافقة الجهة الرقابية . في حال الموافقة لا تنفذ العقوبات المفروضة أو الشديدة إلا بحكم قضائي لأن الموظف هو مواطن ويجب ان يخضع للقانون وليس لمزاجية أي شخص سواء كان وزيراً أم غير ذلك . إضافة إلى أن آلية الرقابة المتبعة حالياً لم تحل مشكلة الفساد كما يقال ، بل الفساد لا زال ينتشر ويتوسع في مؤسسات وشركات القطاع العام كما أن ذلك يخلق قضية أكبر من الفساد هي التهرب من المسؤولية مثلا معاملة واحدة بحاجة لعشرات التواقيع الأمر الذي يولد لدينا رغبة في تغيير آلية الرقابة لتكون رقابة غير مؤذية ..?!

من لا يملك لا يحق له التصرف

كما أن هناك قضية مهمة طرحت بالمشروع الأخير لإصلاح القطاع العام وهي التصرف بالأصول والتي أنا لست معها علماً أن الحكومة طرحت الموضوع مرة تحت عنوان البيع وأخرى تحت عنوان التأجير ل 99 سنة. في حال طبقت هذه الرغبة يجب أن تكون بقانون صادر عن مجلس الشعب على اعتبار أن فلسفة هذا المطلب تقوم على أن الحكومة لا تملك القطاع العام ومن يملك هذا القطاع هو الشعب وفق ما هو موضح في الدستور بالمادة 14 منه التي تنص على  ملكية الشعب للقطاع العام وهنالك قاعدة قانونية تقول من لا يملك لا يحق له التصرف .

هذا يعني وحسب نائب وزبر الصناعة أن الحكومة أو أي جهة بالدولة لا يحق لها بيع القطاع العام ومن يحق له ذلك هو المالك  ( أي الشعب ) ومن يمثل الشعب هو مجلس الشعب وللحكومة حق الاقتراح فقط ، بالتالي فإن بيع القطاع العام يحتاج إلى قانون من مجلس الشعب .   مشيراً إلى أن ما قيل عبارة عن فكرة لمشروع قانون إصلاح القطاع العام الصناعي كما تتصوره وزارة الصناعة التي تعمل على مناقشته مع الجهات المعنية .

 

صحيفة الوطن