نائب وزير الصناعة يكشف للـ ” الوطن” عن رؤية جديدة لإصلاح القطاع العام العمالة الفائضة بدعة ابتكرتها الحكومة السابقة ( 2- 2 ) ــ المقال رقم /149/

صحيفة الوطن – دمشق – سورية

العدد:  1254 تاريخ 27/9/2011

تتابع ” الوطن ” ما نشرته أمس عن حديث نائب وزير الصناعة حول خطة الوزارة لإصلاح القطاع العام والذي تحدث عنها بكثير من الشفافية والوضوح كاشفا الخفايا الحقيقية وراء تفشيل المحاولات المتكررة لإصلاح القطاع العام الصناعي مبيناً أن مزاجية الحكومة السابقة هي من أدخل القطاع العام الصناعي في حالة الغيبوبة التي يعيشها حاليا معتبرها صاحبة الإرادة والفضل في إيقاف خطوات إصلاح هذا القطاع وتعثر شركاته.

وأضاف سماق خلال حديث خاص ب ” الوطن ” : إنه لا يحق للحكومة أن تتصرف بملكية القطاع العام على اعتبار أن المالك الحقيقي لهذا القطاع وبالدستور هو الشعب ومن لا يملك لا يحق له التصرف?!  ولفت إلى أن ما نحتاجه اليوم هو إصلاح متعدد الجوانب ، فآلية الرقابة المتبعة حالياً لا يمكن أن تحل مشكلة الفساد الذي لا يزال ينتشر ويتوسع بل يخلق قضية أكبر من الفساد هي التهرب من المسؤولية مشددا على أن تكون الرقابة رقابة غير مؤذية.

وأضاف : إن قضية دعم الطاقة بكل أنواعها قضية جوهرية ولا بد من مناقشتها بروية وهدوء وحساب أثرها في مجمل الاقتصاد الوطني.

موضوع العمالة الفائضة بدعة ?!

وفيما يخص موضوع العمالة الفائضة والإجراءات التي ستتبع خلال المرحلة القادمة تابع سماق: إن ما قيل ويقال عن فائض العمالة هو بدعة ابتكرتها الحكومة السابقة عندما طالبت بنقل وإخراج نحو 15 ألفاً و220 عاملاً ضمن مذكرة تم رفعها من وزارة الصناعة بناء على طلب الحكومة تحت عنوان فائض عمالة.

تراجع في تشغيل العمال  

إن الحكومة كانت تشغل نحو 42% من قوة العمل  في البلاد بين مدنيين وعسكريين ، واليوم لا تشغل أكثر من 26% من قوة العمل  . بالنسبة للقطاع العام الصناعي هذا يعني أن هناك تراجعا كبيراً في تخلي الدولة عن مسؤوليتها تجاه المجتمع بكل شرائحه قد يكون هناك مبررات لتراجع جزئي لكن المنطق  يقول أن الدولة هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن المواطنين  وعليها أن تؤمن لهم حماية اجتماعية إما عن طريق توفير فرص العمل وإما عن طريق إنشاء صندوق للبطالة . في حال لم تتوفر هذه الفرص فالبطالة ستزداد ولدينا حاليا مئات الآلاف من العاطلين عن العمل يقدر     بــ  11%  من قوة العمل في سورية في التقارير الرسمية  ، أما في غير الرسمية فهي تزيد عن  ذلك بكثير.

كما أن تجاهل الحكومة لإقامة صندوق للبطالة يعد من الأخطاء الفادحة الني ارتكبتها اقتصادياً واجتماعياً وحتى سياسياً فهي لم تراع ذلك وعليها أن تتحمل مسؤولية  ما وصل إليه القطاع العام الصناعي فيما يخص العمالة وفي مجال الاقتصاد الوطني كله . هذه الفلسفة أنتجت مئات العاطلين عن العمل علما ً أن قسماً كبيراً منهم في سن الشباب والقسم  الآخر مؤهل علميا ً وتمنى سماق أن يكون هناك تغيير لهذه الفلسفة ومن  لا يشعر بالمواطن لا يستحق أن يكون مسؤولاً عنه ?!

بحاجة لإصلاح متعدد الجوانب

وعن الأوضاع التي تمر بها سورية وتأثيرها في الاقتصاد الوطني قال د.سماق:  إن ما نحتاج له  في هذه الظروف ليس إصلاحا للقطاع العام فقط بل نحن بحاجة لإصلاح متعدد الجوانب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، فالإصلاح حاجة لنا قبل أن يكون ضرورة مفروضة علينا.

فيما يخص الإصلاح الإداري قال : إن رأس الإصلاح الإداري هو ألا يوضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب على عكس ما يقال. مشيراً إلى أن ذلك ليس قضية أخلاقية بل هو قضية اقتصادية وسياسية وعندما يتم إعطاء المسؤولية لمن لا يستحق نكون بذلك قد همشنا كل الإمكانات والكفاءات والقدرات التي ترتبط بهذا الموقع ومنطق الأشياء يستدعي أن نبحث عن كل الإمكانات لوضعها في مكانها الصحيح.

لابد من دراسة متأنية للطاقة

في معرض رده على قرار الحكومة في رفع أسعار الفيول قال:  إن قضية الطاقة بكل أنواعها قضية جوهرية ولا بد من مناقشتها بشكل أعم وأشمل بحيث لا تؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني.

وأشار إلى أن الصناعة قد طلبت من الحكومة ضرورة تأجيل رفع أسعار الفيول خلال المرحلة الراهنة إلا أن الحكومة لم تتجاوب مع هذا الطلب الأمر الذي يتطلب مناقشة هذه القضية المهمة المتعلقة بسياسة الطاقة بكثير من الروية والهدوء وحساب أثرها الحقيقي على مجمل الاقتصاد الوطني.

اعتقد سماق أن تسعير  الطاقة بالأسعار الرائجة سينعكس سلباً على القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني كله .  أن  تزيد الحكومة أسعار الفيول خلال فترات  متقاربة ولديها نية لزيادتها لاحقاً يقودنا إلى المطالبة بأن تضع الحكومة سياسة طاقة واضحة تجيب على السؤال التالي : هل نريد طاقة رخيصة أم طاقة بالأسعار الرائجة ؟  في حال اعتمدنا سياسة طاقة رخيصة يحب أن يغطى الفارق بين السعر الرائج و السعر المدعوم من الموازنة العامة للدولة .

الدعم لا يكون بالمطلق?! 

ولدى سؤاله هل دعم القطاع الصناعي أولاً?  قال : لا يمكن الإجابة عن ذلك بالمطلق فهناك العديد من المنشآت والشركات ولكل منها النشاط الخاص بها قد يستدعي دعم بعضها في حال اقتضت الحاجة لذلك.

وأكد د.سماق:  أن أفضل دعم للقطاع  الصناعي أو أي نشاط اقتصادي يجب أن يكون دعمه ذاتياً بمعنى أن يزيد قدرته التنافسية بتخفيض كلف إنتاجه و تحسين مواصفات منتجاته  ، أما الشركات المتعثرة فإن حالتها ستدرس كلاً على حده بعد توفر التشريع والموارد.

صندوق الدين العام ليس تكية?

وعن الموارد قال : إن الشركات الخاسرة ليس لديها أي مورد ذاتي لكن عليها التوجه إلى القروض من المصارف  وليس إلى صندوق الدين     العام ، فبالتجربة تحول هذا الصندوق إلى ما يشبه ” التكية ” تستدين منه الشركات و لا تسدد دينها . ذلك منطقاً غير اقتصادي ، قد يكون هذا المنطق مقبولاً منذ سنوات أما اليوم وفي ظروف سوق مفتوحة لم يعد هذا المنطق مقبولاً .

أي عملية إصلاح  سابقة لم تجد حلا للتشابكات المالية

وعن التشابكات المالية بين وزارتي الصناعة والمالية قال : إن أي عملية إصلاح  سابقة لم تجد حلاً لموضوع التشابكات وحتى اليوم لم يكتب لأي من هذه الحلول النجاح علما ً أن الخيارات متعددة  . لذلك لا بد من حل قضية التشابكات  المالية بين الوزارات ومشروع القانون الجديد يراعي هذه القضية لكن لا يمكن إيضاح الآلية التي سيتم إتباعها حالياً لأن أمامنا أكثر من خيار?!

تناقض…  وتجاهل ?

فيما يخص المذكرة التي رفعها وزير الصناعة إلى الحكومة ضمن أولويات عمل الوزارة للمرحلة الراهنة وما تقوم به من تقييم لعمل ثماني شركات صناعية بحيث تعمل باقتصادية أعلى تنسجم مع متطلبات تطوير هذه الشركات – حسب المذكرة – قال سماق وبكل شفافية : إنه  غير مطلع على هذه المذكرة .

لم نصل إلى التشريع

لدى السؤال عن إمكانية تطبيق رؤيته للإصلاح قال : حتى اليوم لا أحد يعارض التوجه العام لكن لا نستطيع البت بذلك حتى نصل إلى مرحلة التشريع ومناقشة فقرات القانون مبيناً أنه متفائل ولكنه ليس ضامناً لتطبيقه . سيما أنه عندما نقول أن الشعب مالك هذا يعني أنه مالك لحجم كبير من الاستثمارات التي تقدر بنحو 200 مليار ليرة على الورق ،في حال أصبح هناك إعادة تقييم لهذه الاستثمارات بتقديري  ستتجاوز 2000 مليار ليرة أي تريليوني ليرة هذه ملكية شعب كما نص الدستور . هنالك مزاجان في الحكومة  ، الأول يحتضن القطاع العام و يدافع عنه على الرغم من كل سلبياته  ، بشكل أو بآخر هذا هو مزاج الشارع السوري  . بالمقابل مزاج الحكومة السابقة تبين  أنه لم يكن مع إصلاح هذا القطاع ، تعارض هذين المزاجين أدخل القطاع العام في حالة الغيبوبة التي يعيشها حالياً.

وعن تأجيل أو عرقلة تفعيل العديد من القوانين التي صدرت لحماية الصناعة الوطنية الناشئة قال سماق:  إن بعض القوانين التي صدرت كان لها دوافعها وأسبابها فقانون حماية الصناعة الناشئة بالأصل وضع للتوافق مع القواعد المعمول بها في منظمة التجارة العالمية ، بالرغم من أننا لسنا أعضاء في المنظمة حتى الآن لكن الاتجاه العالمي هو العمل وفق قواعدها اقتصادياً . المشكلة كانت حسب سماق تعريف  الصناعة الناشئة  : هل هي صناعة معمل أم شركة أم صناعة قطاع أم هل هي صناعة شخص بذاته أم صناعة مجموعة ثم ما الإجراءات المسموح بها أو الممنوع اتخاذها  . لذلك تم وضع هذا القانون لمعالجة هذه القضية ، وغيرها من القضايا المتعلقة بالصناعات الناشئة .  حسب معلوماتي لم يتقدم حتى تاريخه أي صناعي بطلب لحماية صناعته ، لكن أريد أن أوضح بأن القواعد المعمول بها في منظمة التجارة العالمية تسمح بذلك بأشكال مختلفة مثل : فرض رسوم جمركية – إعادة العمل بإجازات الاستيراد بالنسبة للمنتجات الصناعية المسموح استيرادها دون إجازة استيراد … أو غيرها ، شريطة أن تكون هذه الإجراءات غير تمييزية .

 

صحيفة الوطن