بدائل العجز وعجز البدائل ــ المقال رقم /143/

صحيفة الثورة   – دمشق – سورية

العدد:   14345 تاريخ  10/2010/ 12

نقلت وسائل الإعلام عن السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية عدداً من البدائل التي يفكر في طرحها إذا استمرت إسرائيل في بناء المستوطنات            و بالتالي استمر توقف المفاوضات بين السلطة و إسرائيل , حيث عرض تلك البدائل على اجتماع لجنة المبادرة العربية الذي عُقد قبل أيام في إطار التحضير للقمة العربية الاستثنائية في مدينة سرت الليبية   ( 9/10/2010 ) وهذه البدائل هي :

1 – إذا لم توقف إسرائيل بناء المستوطنات فستستمر المفاوضات بالتوقف وستدعو السلطة الفلسطينية  أمريكا للاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود عام 1967 .

2 – إذا لم يحدث ذلك فسوف تذهب السلطة إلى مجلس الأمن و تدعو دول العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية , و إذا تعذر هذا أيضاً ستتم دعوة مجلس الأمن لفرض الوصاية على الشعب الفلسطيني .

3- في حال فشل الاقتراحين السابقين تتخلى السلطة الفلسطينية عن مسؤولياتها و يغادر رئيسها رام الله .

إن المراقب لأحوال العالم و المنطقة يستطيع أن يستنتج دون كبير عناء بأن تلك البدائل عاجزة لأنها غير قابلة للتحقيق .

غير قابلة للتحقيق لأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تعترف بدولة فلسطين في حدود عام 1967 فلها تفسيرها الخاص للقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن بعد عدوان حزيران الذي يتحدث عن انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967 و منها الأراضي الفلسطينية , حيث تعتبر أمريكا أن القرار لايعني الانسحاب التلقائي من تلك الأراضي إنما يعني التفاوض على مدى الانسحاب وحدوده . بالإضافة إلى ذلك يمكن الجزم بأن الولايات المتحدة لن تقبل بالبدائل الأخرى فهي التي حمت عدوانية إسرائيل بالأمس  و تحمي تطرفها اليوم . إن لم تقبل أمريكا فلن يعترف مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية في حدود 1967 حتى لو رغب بعض أعضائه في ذلك بسبب الفيتو الأمريكي . وهو لن يفرض الوصاية الدولية على الشعب الفلسطيني لأنها ستكون بديلاً للاحتلال الذي لن تقبل إسرائيل بإنهائه ولن تسمح الولايات المتحدة للمجلس باتخاذ قرار يخالف نزعة إسرائيل التوسعية ويكسر إرادتها السياسية .

بالإضافة إلى ما سبق فالوضع العربي أضعف من أن يفرض مالا ترغب به إسرائيل و أمريكا حتى لو اقتنع ببدائل السلطة علماً بأنه غير مقتنع بها كما توحي بذلك بعض التصريحات الرسمية .

جملة القول إن بدائل السلطة ليست أكثر من رسالة عجز و يأس يوجهها رئيسها للعالم . فهل هنالك أكثر عجزاً و يأساً من أن تُختصر قضية فلسطين برمزيتها            و تاريخيتها إلى وقف بناء المستوطنات حتى ولو كان وقفاً مؤقتاً ؟! وهل هنالك أكثر عجزاً و يأساً من أن نستجدي العالم لفرض وصايته على بقايا فلسطين ؟ !

ألا يُذكر ما وصل إليه الوضع الفلسطيني وربما العربي  بشاعرنا الكبير أبو الطيب المتنبي    و هو يردد :

كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا

وحسب المنايا أن يكن أمانيا

 

 

                                                                 الدكتور  محمد توفيق سماق